السبت، 27 أبريل 2013

يمناسبة منع عرضه في لبنان : الفيلم اللبناني الهجوم



"الهجوم"
أزمة الأنحياز


اسم الفيلم: الهجوم
تأليف وإخراج: زياد الدويري
بطولة : علي سليمان-ريموند المسيليم
إنتاج: جون بريها – رشيد بو شارب
مدة الفيلم: 99 ق

توج فيلم"الهجوم"للمخرج زياد الدويري بجائزة النجمة الذهبية وهي الجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش وذلك ضمن عروض المسابقة الرسمية(30 نوفمبر-8 ديسمبر) متفوقا بذلك على 14 فيلما هم حصيلة افلام المسابقة للدورة الثانية عشر والتي رأس لجنة تحكيمها المخرج البريطاني الكبير جون بورمان.
الفيلم يحمل اسم مصر إلى جانب لبنان وقطر وبلجيكا في خانة الدول المنتجة وذلك حسب ما ورد في كتالوج المهرجان وبهذا يمثل الفيلم المشاركة المصرية الوحيدة ضمن ال 80 فيلما المشاركة في فعاليات الدورة.
الهجوم ليس فيلما تقليديا عن القضية الفلسطينية او الصراع العربي الأسرائيلي انه فيلم عن ازمة الأنحياز وبناء الرأي, قبل التيترات نرى مشهد وداع البطل امين الجعفري لزوجته في كادر ضيق لا يظهر سواهم, انها تقول له أنه في كل مرة ترحل عنه او يرحل عنها يموت جزء من روحها, هذا الأرتباط الروحي سوف يكون جزء من معاناة البطل خلال رحلة بحثه عن الحقيقة وراء تورط زوجته في هجوم استشهادي على مطعم بتل ابيب.
خلال مشهد واحد فقط عقب التيترات يكثف لنا السيناريو شخصية أمين الجعفري كاملة, انه جراح اسرائيلي من اصل فلسطيني-عرب 48- يتم تكريمه في جمعية الجراحين الأسرائيلية ليكون اول شخص من اصول عربية يحصل على جائزة بن اليعازر في الجراحة, يتقدم امين ويلقي كلمة معبرة عن موقفه السياسي من اسرائيل الذي تغير نتيجة ما حققه من نجاح عبر الدارسة والعمل بها, انه يبنى موقفه مغلفا اياه بنظرة انسانية عندما يقول"لقد تغير شعوري عندما وجدت من هو في حكم العدو راقدا على منضدة الجراحة امامي" هذا التكثيف الدرامي يستتبعه تكثيف بصري عندما نشاهد سيارته الفاخرة وفيلته الأنيقة وبطاقة الهوية الأسرائيلية التي يحملها ويعرضها للجندي عند توقفه ليلا.
في الصباح نكتشف البعد الاجتماعي لعلاقاته في المجتمع الذي يعيش فيه(المستشفى), صديقه رجل الموساد الذي انقذ امين امه بعملية خطيرة, وزميلته التي تكن له مشاعر عاطفية واضحة وزميل اخر يبدو نموذج للعنصرية المقننة حيث يبدو مستكثرا على امين المركز المعنوي والمادي الذي وصل له(رغم كونه عربيا), في الخلفية تبدو تل ابيب مدينة فضائية شديدة الفخامة والرقي والتحضر وهي خلفية مقصودة للدلالة على كون هذا الجتمع براق وشديد الجاذبية من الخارج.
عندما يحدث الانفجار تبدأ نقطة الهجوم على المتلقي والشخصية الرئيسية في نفس الوقت, الانفجار حدث في مطعم واغلب الأصابات من الأطفال, هنا تبدأ ازمة الأنحياز في الظهور, الاطفال يبكون معذبين من اثر الجروح وبعضهم مات, يضعنا المخرج امام مأزق التعاطف الأنساني لزاوية السؤال الصعب, هل تقبل بقتل طفل ؟ وتصبح الاجابة من داخل المتلقي اليسوا هم ايضا قتلة اطفال!!
اختيار المخرج لفكرة موت الأطفال في التفجير الأستشهادي(الأرهابي في لغة الشخصيات الأسرائيلية) اختيار شديد القوة دراميا انه يتعمد توريط المتفرج في ازمة الأنحياز والمأزق الأنساني العام للصراع.
في البداية يرفض امين كل الأتهامات ويصر ان زوجته ماتت فقط في الأنفجار, ولكنه يرفض كونها هي الأستشهادية التي تسببت فيه,"انها مسيحية" يكرر ذلك كأنه يدافع عنها, وهو ايضا اختيار شديد القوة من صناع الفيلم, مسيحية تعيش في تل ابيب زوجة جراح ناجح وثري ما الذي يدفعها إذن لتفجير نفسها كي تستشهد؟!
المخرج زياد الدويري
يحاول المخرج الأستغراق في حيرة أمين النفسية عبر لقطات خاطفة للقائه بزوجته, في مشهد هام نراهم في بداية التعارف عبر الفلاش باك عاريين في الفراش, انها ذاكرته التي تستدعي هذا المشهد ليصبح دلالة على كونه كان يظن انها تعرت امامه, اي كشفت كل اسرارها وكشف لها كل اسراره, فيما بعد سيعلم حجم الأسرار التي كانت تخبئها, لقد انحازت واصبح لها قضيتها التي هي قضية سياسية في المقام الاول وليست قضية دينية أو اجتماعية.
هذا ما سوف يقوله له القس الذي سيقابله في نهاية رحلته في نابلس,"لسنا اسلاميين ولسنا مسيحيين متعصبين نحن اصحاب قضية", هذه القضية كانت غائبة تماما عن امين وعن امثاله من المستغرقين في حياتهم داخل المجتمع الأسرائيلي, الفيلم لا يجبر شخصيته على الأنحياز ولكنه يتابع معها ولنا كيف يتشكل هذا الأنحياز ليصبح ضرورة لا مفر منها.
تتخذ الكاميرا في لقطات كثيرة وجهة نظر الشخصية/امين انها فكرة الآية الشهيرة من انجيل يوحنا"لقد كنت اعمى والأن صرت مبصرا"ان اتخاذ الكاميرا وجهة نظر الشخصية اشبه بعملية متابعة التبصير الذي يحدث لها, في مشهد ساذج يعرض سائق التاكسي على امين أن يستمع إلى خطب الشيخ مروان احد دعاة الجهاد ضد اليهود/الأسرائيليين مما يدفع امين للذهاب كي يقابل الشيخ ظنا منه انه كان السبب وراء اقتناع زوجته بفكرة المهمة الأنتحارية.
هناك ينكر الشيخ كل صلة له بالزوجة /البطلة التي اصبحت صورها معلقة في كل مكان على حوائط نابلس, تزداد حيرة أمين لأنه يبحث عن سبب وقد ظن انه سوف يجده في الدين.
يدافع الفيلم هنا عن الأستشهاديين الذي يقال انهم يقومون بهذا من أجل الجنة, تذكرنا هذه التيمة الفكرية بفيلم هاني ابو اسعد"الجنة الأن", في جملة مؤثرة يسأل ضابط الموساد أمين اثناء التحقيق"الذين يقومون بعمليات انتحارية ينتظرون حور العين في الجنة ولكن زوجتك كأمراة ماذا تنتظر هناك؟" هذا السؤال يصبح جزء من الاجابة نفسها, انها تنتظر وطنا محررا, يرفض الفكر الصهيوني هذه الفكرة ويروج عبر مسمع اذاعي يستمع له امين بأن الأستشهاديات يعانين من مشاكل اجتماعية ونفسية, ويضربون مثلا بكون وفاء ادريس اول استشهادية فلسطينية كانت عاقر مطلقة.
لكن زوجة الطبيب لم تكن عاقر او مطلقة او دميمة او فقيرة, لا اسباب دينية او اجتماعية او نفسية وراء اقدامها على تفجير نفسها سوى الأنحياز للقضية.
من عينا امين نرى جندي اسرائيلي يتحرش على الحدود بشاب فلسطيني ويكاد يقتله, من عينا امين نرى جدار الفصل العازل, نرى نابلس التي تتناقض في مظهرها الفقير وفخامة تل ابيب وتحضرها الظاهري, هنا يصبح توحد الكاميرا مع عين الشخصية جزء من الشكل والمضمون على حد سواء.
لم يتورط الفيلم في ازمة بوليسية مفتعلة, ان ذروة الصراع النفسي لدى الشخصية ليست في التأكد من كون زوجته هي الأستشهادية ام لا ولكن لماذا فجرت نفسها! ولهذا ينتهي السيناريو سريعا من تلك التفصيلة عبر الخطاب الذي يصل للزوج من زوجته ويصبح سبب رحلته إلى نابلس كي يجيب على السؤال الأهم"لماذا؟".
الخطاب قادم من نابلس ليس من أجل التوضيح ولكن من اجل الأستدراج, هنا يتماس الخط السياسي العام بالخط النفسي والعاطفي الشعري, يتكامل هذا الخط بمشاهدة الزوج للفيديو الخاص بالعملية, وهو مختلف كل الأختلاف عن فيديوهات الأستشهاديين, فلا قراءة لأسباب الأستشهاد ولا القسم بالله ورسوله على التحرير ولا وعود باللقاء في الجنة, ولكن مجرد الوجه الأخر للمكالمة التي رأينها في بداية الفيلم والتي تلقاها الزوج قبل تكريمه بثوان.
ان الزوجة لا تضع نفسها كجزء من عملية المقاومة والتحرير ولكن كقربان شعري من أجل تغيير موقف الزوج, انها لم تعد ترضى عن عدم انحيازه, لم تعد ترضى بأن تراه منحازا للجانب الخطأ.
فكرة القربان او الفادي هي اقرب للعقيدة المسيحية التي تعتنقها الزوجة وبهذا يصبح لأستشهاد الزوجة دلالة عاطفية وسياسية في نفس الوقت ويصبح تغير موقف الزوج وبداية انحيازه مقنعا وهو ما نلمسه في حوار الانفعالي مع صديقته وزميلته الطبيبة الأسرائيلية التي كان التعاطف والمغازلة واضحا من جانبها في البداية, ويلخص السيناريو شعورها بتغير موقف امين من خلال انتقالها من الحديث بضمير المتكلم(أنا)العاطفي الشخصي إلى الحديث بضمير الجمع(نحن)السياسي, وتكتمل فكرة القربان العاطفي والأرتباط الروحي في المشهد الأخير عندما يذهب أمين إلى أخر مكان التقى فيه بزوجته لنسمعه يكرر نفس الكلمات التي القتها على مسامعه قبل رحليها (كلما سافرت بعيدا عنك مات جزءا من روحي).
يكسر الفيلم عددا من التابوهات التقليدية في افلام القضية, مثل سخريته من شخصية الأسرائيلي المتفهم المتحضر المحب للسلام الذي يتعاطف مع العربي"المسكين"على حسب تعبير أمين في حواره بالفيلم مع زميلته, وهي الشخصية النمطية في اغلب الافلام التي تحاول ان تتخذ موقفا انسانيا عاما كبديل عن الأنحياز السياسي الواضح ضد اسرائيل.
فيلم الهجوم يحتاج إلى مشاهدة متأنية دون مواقف مسبقة أنما ان يفتح المتلقي وجدانه ليتوحد مع شخصية أمين ويرى أذ ما كانت رحلته بالفعل سوف تثمر عن فهم الأسباب الحقيقة للانحياز في النهاية ام لا!






الأحد، 14 أبريل 2013

الحفلة - المقال الكامل بدون تدخلات




 سينما المؤلف...التاجر

تأليف :وائل عبد الله
إخراج : أحمد علاء
بطولة : أحمد عز- محمد رجب
إنتاج : اوسكار للإنتاج
مدة الفيلم 100 ق

يكتب وائل عبد الله افلامه التي ينتجها بعقلية التاجر وليس بذهنية المؤلف والفرق بينهم أن المؤلف ينطلق من فكرة محددة او قضية او هم يشغله, أما التاجر فكل ما يبحث عنه هو حشد أكبر قدر من بضاعة الأثارة والغموض والتشويش من افلام أخرى كي يسيطر على ملل المتلقي ويستحوذ على انجذابه, دون قدرة على الخوض فيما هو اعمق وأشمل وانضج, بمعنى أنه يكتفي بالتركيبة المجمعة كهدف درامي وليس كوسيلة لأبراز مغزى أو اثارة قضية

أو حتى تحقيق الأشباع النفسي والعقلي للمشاهد خلال الاحداث.
زوج شاب يبحث عن زوجته المختطفه مما يستدعي وجود محقق بوليسي ماركة كرومبو كي يستجوب الشخصيات المشكوك في تورطها بالاختطاف, وهي الشخصيات المحيطة بالزوجين  في سكنهم الفخم, وفي نفس الوقت الذي يتصادف فيه وجودهم في المول الذي اختطفت منه الزوجة.
يدور المحقق على الشخصيات ليسمع رواية كل منهم عن"الحفلة"التي حاول المؤلف أن يجعلها الليلة الأهم في محاولة اكتشاف من خطف الزوجة, رغم أنها في الحقيقة ليست كذلك, ومن خلال تضارب رواياتهم, بشكل يتنافى حتى مع فكرة تعدد اوجه الحقيقة او رؤية الموقف الواحد من زوايا مختلفة, نكتشف أن المسألة لا علاقة لها بالحفلة على الأطلاق وأن الحفلة مجرد تمويه بوليسي من قبل المؤلف, وشكل درامي مستهلك لأضفاء الغموض والتلاعب بالمعلومات لتحقيق اثارة مفتعلة دون مغزى, بل أن الفلاش باك يركز على الحفلة فقط رغم ان التحقيق من المفترض أن يغطي اياما وأحداثا أخرى!
لا يهم أن أغلب الاحداث تتمحور حول ليلة الحفلة فالفيلم ليس"حفلة منتصف الليل" لمحمود كامل, ولا يهم أننا نكتشف أن الزوج هو الذي قتل زوجته في النهاية  مثل اياد نصار في"مصور قتيل"وأن كان الأمر هنا يبدو أن له علاقة بالشرف والخيانة وليس بالمرض النفسي كما الفيلم الأخر.
المشكلة تكمن أولا في غياب المضمون الجيد نتيجة سيطرة عقلية التاجر, فالاحداث من المفترض أن تكون وسيلة لعرض الفكرة وليست هدفا في حد ذاته, اي كأن الهدف هو الشك في الجميع واكتشاف أن الزوج هو القاتل بعد أن حاول المؤلف بقدر الأمكان أن ينفي التهمة عنه, حتى أنه من كثرة النفي جعلنا نشك فيه, خاصة مع مشاهد الذكريات التي تنتابه حول علاقته بزوجته وحول رؤيته لها في الحلم وهي تجري هربا من احدهم.
ثانيا فرض المؤلف على نفسه اسلوب الفلاش باك اثناء الاستجواب من خلال ذاكرة ورواية الشخصيات مما جعل هناك احداث لم ترها أو تسمعها الشخصيات التي تحكي ولكنها تقصها خاصة شخصية جومانا مراد المرآة اللعوب التي حكت عن تفاصيل تخص علاقة زوج أم سارة المختطفة بسكرتيريته رغم أنها لم تكن قريبة منهم.
ورغم أن شكل التحقيق البوليسي هو الاطار العام للفيلم إلا أن المؤلف يتجاهله تماما في النهاية ويقوم بكشف ملابسات الجريمة من خلال ذاكرة البطل وتصورات مفتش المباحث, وهو استسهال عقيم افسد فكرة البحث البوليسي وذكاء المحقق وجمع التفاصيل, وعيب سردي سببه ايضا عقلية التاجر الذي تعجبه مثل هذه البضاعة السينمائية فينقلها كما هي دون أن يتساءل عما إذا كانت مناسبة للقالب والأسلوب الذي اتخذه.
 وثمة أزمة المبالغة في الدوافع والأسباب بدون حس بوليسي ناضج بل أن المؤلف يلقن الجمهور أن كل الشخصيات لديها دافع للخطف من خلال مشاكلهم المالية على لسان مساعد المحقق, بالاضافة إلى أستخدام افتر اساليب الأثارة البوليسية وهي الصدفة, فبالصدفة يشاهد المحقق جيران الزوج وهم يتشاجروا وبالصدفة تكون اغلب الشخصيات موجودة وقت الأختطاف المزعوم وكأنهم يشرفون بأنفسهم على العملية.
كما اراد المؤلف أن يثبت لنا ان الزوجة خائنة بالفعل ولم يجعلنا نشك لحظة في برائتها وبالتالي يعمق احساسنا بمآساوية الموقف, وذلك عندما كشف لنا من وجهة نظر الكاميرا ملامح الزوجة الخبيثة الماكرة وهي تحتضن زوجها وتبلغه نبأ الحمل.
بل أن الشك في برائتها حتى مع عجز الزوج الذي نعرفه كان اكثر اتساقا مع اسلوب الفيلم في مسألة رواية الشخصيات للوقائع, رغم أن هذا الأسلوب نفسه خرج عليه المؤلف لاعجابه بفكرة الكشف المفاجئ عبر ذاكرة الزوج لمجرد أنه أحمد عز.
والمؤلف التاجر يضع المخرج في مأزق خاصة عندما يملك المخرج امكانيات تقنية لا يجد ما يوظفها للتعبير عنه سوى الغموض والاثارة المفتعلة والحبكة البوليسية المهجنة من حبكات أمريكية, لقد حاول المخرج مثلا التعبير عن الغموض من خلال استخدام اسلوب"الفلو"اي الصورة الغائمة في خلفية الشخصيات في مشاهد الحفلة, وذلك لبث الشعور بضبابية الرؤية وعدم وضوح الحقيقة, ولكن بدون مضمون نهائي أو فكرة نتجه إليها تصبح هذه المشاهد شكلانية بحتة, اي مجرد اطار جميل لصورة فارغة.
كما أن المخرج لا يزال يحتاج إلى تدريب للتعامل مع الممثلين خاصة أحمد عز الذي يبدو في اسواء حالاته بعد حلم عزيز, ناهيك عن كم الصراخ والأنفعال الزائد لكننا نجده يظل مستمرا في النظر إلى الشخصية التي أمامه واعطاء نفس رد الفعل حتى بعد انتهاء جملة الحوار ووصول اللقطة إلى ذروتها وهو عيب اخراجي بحت.
بينما تبدو روبي في احسن حالاتها ربما لقلة عدد مشاهدها التي لا تكشف مدى ركاكة ادائها المعتادة, وجومانا مراد في شخصية المرآة اللعوب مجرد امرآة لعوب اخرى من نساء السينما المصرية اللعوبات وهم كثر, ويتماس اداء محمد رجب هنا مع اداءه في فيلم وائل عبد الله ايضا"كلاشنكوف"حيث الخلط المتعمد بين الجدية الساخرة والسخرية الجادة, وبالمناسبة فإذن شخصية المحقق هي البطل الرئيسي في الفيلم وليس الزوج, فالمحقق هو الشخصية التي تبحث وتصطدم وتشك وتخطط للكشف عن الجريمة والأيهام بأن الزوجة هاربة أو متواطئة, ولولا الأصرار على أن تكون شخصية الزوج هي البطل لأنه أحمد عز لكان السيناريو قد اتخذ اسلوب مختلف في الكشف عن القضية من خلال ذكاء المحقق وبحثه.    

 

السبت، 13 أبريل 2013

وقائع الزمن الباقي لأيليا سليمان - ارشيف لم ينشر




انها سيرة الغائب..الحاضر

تأليف وإخراج وتمثيل وإنتاج :ايليا سليمان
بطولة : صالح بكري  
مدة الفيلم: 109 ق

يحمل عنوان فيلم ايليا سليمان عنوان فرعي وهو سيرة الحاضر الغائب..وبقليل من الربط نكتشف أن هذا العنوان الفرعي قد يحمل مفتاح قراءة هذا الفيلم..خاصة إذا ما كانت لنا حرية تبديل الصفتين اللذان يحملهما العنوان..فهو سيرة الحاضر الغائب وسيرة الغائب الحاضر أيضا.
يعتمد ايليا في فيلمه على تكنيك الكادر الثابت الأشبه بلقطة الصورة الفوتوغرافية..فلا يوجد حركة كاميرا واحدة طوال الاحداث..حتى عندما ينتقل من زاوية إلى زاوية او من حجم إلى حجم(والاحجام القريبة والمتوسطة قليلة جدا في الفيلم) ينتقل عبر القطع المونتاجي وعندما ينتقل من زمن لأخر أو من فصل في سيرة الحياة إلى فصل أخر ينتقل عبر الاظلام التدريجي الذي يشبه اسدال الستار المسرحي.إذن نحن امام شكل بصري متعمد ومحدد يستخدمه صانع الفيلم من أجل تأطير وجهة النظر أو الرؤيا التي يريد طرحها. أحداث الفيلم تدور معظمها في الناصرة مسقط راس المخرج..بداية من عام 48 عام النكبة مرورا بمولده عام 60 ونشأته ودراسته ومراهقته ثم خروجه من فلسطين المحتلة كلها وعودته إليها وهو كهل في الزمن الحاضر..وزيارته إلى رام الله عقب الحكم الذاتي والحصار..إذن هذا الشكل البصري الذي اعتمده المخرج ما هو إلا لقطات أو صور في ألبوم حياته نراها من وجهة نظره هو حتى تلك التي لم يعشها ولكن رويت له تفاصيلها عبر والده..والوالد فؤاد سليمان هو اول حاضر غائب وغائب حاضر بالفيلم..فهو الجيل الذي حاول مقاومة النكبة والاحتلال لكنه فشل وكاد ان يفقد حياته نتيجة ذلك وهو نفس الجيل الذي انكسر بالتسليم والاحتلال واعلان الدولة الصهيونية فصار غائبا رغم حضوره المادي..هذا الغياب يتمثل في قلة الكلام والشرود والشعور الذي تنقله مشاهد الفيلم دوما عنه من أنه هنا وليس هنا..ومثل ابيه يبدو ايليا الطفل الصامت دوما حاضر غائبا فهو يتحرك ويذهب إلى المدرسة ويعاني من الفكر الاستعماري ومحاولة طمس الهوية العربية ولكن يبدو مصيرا بشكل آلي في حياته يشاهد ويراكم خبرات داخلية اكثر مما يتحدث او يعبر عما يفكر فيه او يعتمل في نفسه..ويرث المراهق ايليا الصمت من الطفل الذي كانه فتظل عيناه مفتوحتين على واقع مرير وعبثي في بعض الاحيان على الأقل من وجهة نظره..ويمثل ايليا المراهق او الشاب الجيل الثاني الذي نشأ عقب الأحتلال والذي نراه يجلس على المقهي في الناصرة يستمع إلى النداء السيريالي لبائع الجرائد (الوطن بشيكل وكل العرب ببلاش) وكلاهما الوطن وكل العرب صحيفتين تصدران في فلسطين المحتلة والشيكل هي العملة الصهيونية للدولة العبرية المحتلة..وهنا يتجلى عقل الفنان الذي لا يستطيع أن يمرر تلك المفارقة الكلامية التي تختصر واقع سياسي وتاريخي بأكلمه.
وعندما يعود ايليا الكهل إلى مسقط رأسه نسترجع سريعا مشهد ما قبل التيتر الذي قدم لنا سائق اسرائيلي يحمل ايليا الكهل إلى المطار..لكنه يتوه نتيجة عاصفة ممطرة تجعل الطريق يختلط عليه فيحاول أن يبحث عن الكيبوتزات(القرى الأستعمارية الصغيرة)لكي يستدل بها على طريقه فلا يجدها..فيتوقف في النهاية ويتساءل قبل بداية الفيلم(أين أنا)وهو مشهد شديد الكثافة والتعبير عن رأي ايليا في الوضع الأسرائيلي بالأرض المحتلة..أن "اليهودي التائه"منذ قبل انشاء الدولة المغتصبة لا يزال تائها حتى بعد سنوات من انشاء تلك الدولة وهو إذا لم يجد العلامات التي تميز دولته(الكيبوتزات)فإنه ببساطة يمكن أن يتوه أو يفقد الطريق فهو ليس كصاحب الأرض الذي لا يتوه في بلده أبدا.
وكما ورث المراهق ايليا الصمت من الطفل الذي كانه يرث الكهل ايليا الصمت..وبالتالي يرث هذا الحضور المغيب أو الغياب الحاضر..وعندما يعود إلى بيتهم في الناصرة(وهو بالمناسبة البيت الحقيقي للمخرج)نكتشف ان هناك غائبا اخر لكنه لا يزال حاضرا..أنه الأب فؤاد..انه حاضر من خلال ذكراه التي تتجول في انحاء البيت وفي ذهن الأم الصامتة هي الاخرى والتي تحمل صورته مدخنا شاردا ينظر إلى الأفق كعادته.
قد يكون الحاضر الغائب ايضا هو تلك الذكريات الكثيرة التي يحملها وجدان ايليا عن الشخصيات التي عاصرها في زمن طفولته ومراهقته..فهي حاضرة في نفسه طوال الوقت رغم غيابها ماديا وزمنيا..فهل هذا هو ما قصده بالزمن الباقي؟ اي الزمن الذي عاشه وبقى في داخله!!الزمن الذي هو المكان والبشر والأغنيات والتفاصيل.لكن"سفر" ايليا السينمائي  يتمكن من عكس تلك الرؤيا الذاتية على المتلقي من خلال تحليل سياسي بصري وفكري يخرج علينا من شباك الكاميرا المثبتة تطل على الدبابة الاسرائيلية التي ترقد في شوارع رام الله ويتحرك مدفعها متابعا شاب فلسطيني بينما يخرج من بيته ليلقي القمامة ثم يتحدث في المحمول..فالشعب الفلسطيني يعيش حياته بشكل طبيعي تحت الحصار والاجتياح بينما الآلة العسكرية الأسرائيلية في حالة تأهب عبثي خوفا من أي بادرة عنف تجاهها..أن سليمان يختصر في مثل تلك "الأسكتشات" المرسومة بدقة عمق رؤيته عن الواقع الفلسطيني الحالي..بل نجده يقدم جيله(هو واصدقائه)جالسين على القهوة مثلما كانوا منذ سنوات شبابهم بينما ينظرون إلى الجيل الحالي من الشباب الفلسطيني لنجد فيهم المختل الذي يلقي بالتحايا على اشخاص وهميين او العابث الاهي الذي يصفر بلامبالاة ويتصرف بتفاهة طفولية مع ايليا الكهل..ثم هناك ذلك الاسكتش الرائع عن احد الصدامات بين قوات الأحتلال في رام الله وشباب الحجارة عندما يتوقف الجميع لمرور عربة طفل تدفعها مدام انيقة وكأنها لعبة يتوقف ممارسوها في الطريق لحين مرور شخص او سيارة ثم يتابعون الانغماس فيها!! هذه الرؤية الذاتية تتجادل وتحتك بأفكار المتلقي وثوابته الذهنية عن القضية والصراع والوطن.. لقد حقق ايليا بهذا "السفر" السينمائي مقولة بريسون شاعر السينما الفرنسية من أن فيلما مكثفا لن يمنح أفضل ما لديه في مرة المشاهدة الاولى.. فهناك افكار مخبأة ولكن من أجل أن يعثر عليها المتفرج..وإن الاكثر اهمية سيكون المخبأ اكثر.                 
     


هرج ومرج - اول افلام نادين خان




تلك الفوضى الخلاقة


سيناريو وإخراج : نادين خان
حوار : محمد ناصر
تمثيل: محمد فراج- صبري عبد المنعم- آيتين عامر
          رمزي لينير – أسامة عطيه
مدة الفيلم: 76 ق
إنتاج : ويكا للأنتاج والتوزيع الفني

ضمن سبعة مسابقات ضمتهم الدورة التاسعة لمهرجان دبي السينمائي(9-16ديسمبر) ومن بين 16 فيلما تنافسوا على جوائز مسابقة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة استطاعت المخرجة المصرية الشابة نادين خان أن تنتزع جائزة لجنة التحكيم بفيلمها"هرج ومرج"أولى تجاربها الطويلة بعد عدة افلام قصيرة كان أهمها"واحد في المليون".
إلى جانب هذه الجائزة فازت مصر بجائزة افضل ممثل لعمرو واكد عن دوره في فيلم"الشتا اللي فات"إخراج ابراهيم البطوط في نفس المسابقة, وجائزة أفضل فيلم روائي قصير في مسابقة المهر العربي للأفلام القصيرة عن فيلم"نور"للمخرج أحمد  ابراهيم, وجائزة أفضل ممثلة في مسابقة المهر الآسيوي الأفريقي للأفلام الطويلة لعايدة الكاشف وهي المخرجة الشابة أبنة الراحل الكبير رضوان الكاشف, والتي فاجأت الجميع بتمثيلها في فيلم هندي بعنوان"سفينة ثيزيوس"للمخرج اندانا غاندي وحصولها على الجائزة.

مجتمع مغلق
تبدأ نادين فيلمها بمشهد لمجموعة من الشباب المتعطلين يجلسون فيما يشبه اطلال معبد قديم, إنه ليس معبدا بالمعنى الحرفي لكن من زاوية التصوير المنخفضة والأعمدة شبه المتهدمة والسقف المفتوح على السماء يعطي الأنطباع الشكلي بكونه اطلال معبد قديم متهدم, إنهم إشبه بمن يجلس على أطلال مجد غابر, حولهم أكوام من القمامة ودخان كثيف من جراء حرقها يلف المكان, بداية واقعية بأسلوب شعري يكرس لطبيعة المجتمع الذي سوف تدور خلاله الأحداث. ذلك المجتمع الغامض الذي لا هو بالعشوائي ولا الشعبي, لكنه يعيش على دخلو عربات المساعدات الخارجية من لحم وخضار وحلوى ومياه وغاز, مجتمع يعتمد بشكل شبه كلي على قوى خارجية تعينه على الحياة.
لا يحاول السيناريو البحث وراء هذا العالم أو أسباب وجوده, انه فقط موجود ليصبح نموذجا أو معادلا دراميا, قد يكون كناية عن مصر خاصة عندما نشاهد الهرج والمرج حول عربات الغاز والخضار ومحاولة سرقة اللحم, أو قد يكون اي مجتمع متخلف حضاريا يعيش على المساعدات الخارجية بينما لا ينتج شيئا, وشبابه إما متعطلين كما مجموعة الشباب الذين نراهم في بداية الفيلم, او منخرطون في ممارسة الرياضة والتي على رأسها كرة القدم التي تبدو هي الأخرى جزء من الأستعارات الكثيرة عن المجتمعات الغارقة في وسائل التغييب.
تقول نادين أن الفكرة بدأت معها عندما كانت تصور في مخيم عين الحلوة بلبنان, لكن قوة السيناريو في انه يتجاوز السبب للنتيجة أو النتائج, داخل هذا المجتمع الغير منتج تصبح الحياة خطيرة, ثمة فوضى شعورية وإنفعالية نلمحها في علاقات الشخصيات ببعض, الحاج سيد كبير الحي والوحيد الذي نراه يقوم بعمل ما(البيع والشراء)يدخل في علاقة سرية مع أم هند بعد أن أصيب زوجها بالعجز, نرى الزوج غارق في دخان الشيشة وندرك من خلال معاملته للزوجة والحاج, وإشرافه الغير أخلاقي على علاقتهم أنه فقد معنى الرجولة وليس فقط أدواتها.
 منير وزكي نموذجان لشباب الحي, قابيل وهابيل حداثيين يتصارعان على حب منال/ آيتين عامر بنت الحاج سيد, منير/رمزي لينير يجلس عواطلي طوال اليوم تحت اطلال المعبد القديم بينما زكي/محمد فراج  يخرج طاقته في التدريب الجسماني, شخصيات متناقضة تصلح لأن تكون خصوما في أقدم صراع بشري.
زكي مندفع إنفعالي أهوج, منير هادئ مراقب باطني, أما ساحة الصراع فهي المنطقة الخالية وسط الحي, انها نموذج لخشبة المسرح أو الساحة الرومانية القديمة او السوق الشعبي, تتداخل الأشكال والأصول لكن تظل الدلالة واحدة.
في تلك الساحة تقام مباريات كرة القدم التي تعتبر وسيلة الصراع وأرض المعركة بين الأطراف, تتوقف عربات الخضار واللحم والغاز, يجاهد البعض كي يخفي حقيقته ومشاعره مثل الحاج سيد بينما يجاهر البعض الاخر بإنفعالاته وأفكاره مثل الكابتن العصبي/هاني المتناوي, انها خشبة مسرح الحياة بكل قوتها الدرامية.

بين موتين وحياة
تقدم نادين زمنا مكثفا وبطيئا لكنه متصاعد في نفس الوقت, الأحداث تدور في أسبوع واحد تقريبا أو ما يشبه الأسبوع, حيث تبدأ من صباح الأثنين إلى صباح الأثنين الذي يليه, ربما كان أسبوع واحدا وربما أيام مقتطعة من عدة أسابيع متلاحقة, لكنها داخل هذا الأسبوع المتخيل يوجد يوم واحد تقريبا من الصباح إلى الظهر إلى الغروب إلى المساء, أي إنه زمن داخل زمن ووقت داخل وقت, يفيد هذا التكثيف في الشعور بمدى عزلة هذا المجتمع ووجوده داخل زمن خاص به أو خارج الزمن العادي, إنه جزء من عملية الأيهام الدرامية مثله مثل صوت الأذاعة الداخلية التي تشبه بوح النفوس وصوت الأفكار.
داخل هذا المجتمع توجد إذاعة داخلية بصوت الممثل سيد رجب تعلن عن مواعيد قدوم عربات المساعدات الخارجية وعن الاهداءات التي تنتقل من شخص لآخر, إنها ليست للتسلية والترويح فقط ولكنها الصوت السينمائي لما يختلج في وجدان الشخصيات, وإن كان الميكساج لم يمنحها حضورها المؤثر داخل شريط الصوت فطغت عليها الكثير من أصوات البرويه والحوار في المشاهد وأفقدتها سحرها وتألقها كتعبير عن الداخلي والخاص.
يبدأ الفيلم عقب مشهد المعبد القديم بنعش يسير في جنازة بطيئة وينتهي بجنازة آخرى هي جنازة الكابتن صديق زكي الذي يسقط ميتا جراء تناوله المنشطات وأنفعاله الزائد, وبين قوسين الموت  تولد الحياة, تتمثل المخرجة الحياة مثل يوم كامل من الصباح إلى المساء, الحياة هنا تبدأ بالموت وتنتهي بالموت أيضا, لكن ما بين الموتين ثمة حب وصراع وهزيمة وانتصار, ثمة مؤامرات ودسائس, لا يوجد خير مطلق ولا شر مطلق.
يتمكن منير من سرقة موبيل الحاج سيد ويهدده بالكليب الذي صوره لام هند, ويراهن زكي على منال من خلال مباراة كرة قدم, منال تحب زكي لكنه لا يصارع من أجلها أما منير فيحشد كل إمكانياته من أجل الحصول عليها, يفوز بها في النهاية لتصبح زوجته وتبدو في المشهد الأخير سعيدة بوقوفها في شرفة حجرته مرتدية ملابس العروس الملونة, البقاء إذن للأذكى والأهدأ والأخبث.
بينما يفوز منير بمنال يخرج زكي من الصراع حاملا نعش صديقه الذي سقط اثناء المبارة ميتا بينما كان ينوي قتل منير, انها متناقضات الحياة الغريبة ذات الوجود الغامض والتفسيرات اللانهائية.
كاميرا نادين خان حرة, تكويناتها لا تعنى بالجمالي الشكلي قدر ما تعنى بالداخلي, في لقطات بيت أم هند نرى الحاج سيد مع أم هند وهند حول مائدة الطعام بينما زوجها في الداخل في عمق الكادر ليكثف لنا التكوين دلالة العلاقات, تنتقل الكاميرا بين النظرة الذاتية للشخصيات والموضوعية للاحداث بحسب أفكار الشخصيات وانفعالاتها, الفيلم في النهاية هو بناء علاقة بالنظرات, تختار نادين وجوه الكومبارس كبيرة الملامح في خلفية اللقطات لتعبر دون أن تتحدث كثيرا ولكن يظل ضجيجها حاضر وفوضوى وجودها واضحة.
مشكلة نادين مشكلة ايقاع فيما يخص مشاهد الطوابير والتزاحم على الغاز والخضار واللحم وهي مشكلة سببها محاولة تجسيد الهرج والمرج بصريا, وكان على المونتيرة دينا فاروق التي هي نفسها منتجة الفيلم أن تعيد ضبط زمن هذه المشاهد, فالهرج والمرج ليس ماديا فقط لكنه معنوي ونفسي ايضا, يكفينا شخصية مثل توك توك التي قدمها اسامة ابو العطا بكل شيطانيتها وقدرتها على بث الفتن والسموم وتحميض النفوس, تجسيد مادي لفكرة الشيطان بشرها.. وخيرها أيضا ان جاز التعبير, لقد تمكن في النهاية من تحقيق خطة منير للزواج من منال.
أزمة الفيلم الأساسية تكمن في عدم دقة التشخيص, بمعنى أن ثمة مسافة غير فنية بين حوار الشخصيات وانفعالها, ثمة برودة او بطء او تأخر, يشعرك التمثيل أن الحوار يأتي قبل الأنفعال او بعده وليس متطابقا معه, الشخصيات تتحدث ثم تُعبر أو تُعبر ثم تتحدث, وقليلة هي المشاهد التي يتطابق فيها التعبير مع الحوار, اي يتطابق اللفظ والأنفعال.
ومع وجود مجموعة جيدة من الممثلين أصحاب الموهبة يمكن أن نعود بتلك المشكلة إلى توجيه المخرجة ذاتها وعدم قدرتها على التعامل مع ممثليها, ربما بسبب قلة الخبرة بحكم كونها تجربة  أولى أو لأسباب انتاجية كالتعامل مع اللقطة مرة واحدة دون وجود إمكانية لإعادتها أو تجويدها.
لكن يحسب لها إفرادها شريط الصوت للأصوات الطبيعية دون إثقاله بالمؤثرات والموسيقى التصويرية, التي ربما أخذت الصراع إلى سطحية ميلودرامية أو ركاكة هزلية.
أكتفت المخرجة بفواصل موسيقية لحسن خان معزوفة على البيانو في تيمة صوتية أشبه بتيمات البيانولا الكلاسيكية, مما أعطانا انطبعا شعبويا بأننا نشاهد صندوق الدنيا, وهو إنطباع جيد ومؤثر خاصة مع أجواء الفيلم وشخصياته.