الخميس، 7 يونيو 2012

حصل خير (المقال الكامل )


حصل خير
ازمة مرسي وشفيق في السينما المصرية
تأليف: سيد السبكي
بطولة: محمد رمضان – قمر- سعد الصغير
إنتاج: افلام كريم السبكي
إخراج: اسماعيل فاروق
مدة الفيلم: 100 ق
ازمتنا الحقيقية مع هذا الفيلم هو أنه يُعرض في وقت حرج جدا عقب فوز مرسي وشفيق بالاعادة في الانتخابات, لأنه لو فاز شفيق سوف تستمر هذه النوعية من أفلام حشيش اللحظة كما وصفها "يوسف شاهين"من قبل كجزء من عملية تغييب الجمهور التي مارسها النظام السابق, وإذا فاز مرسي فسوف يمنع الاخوان مثل هذه"الأباحيات"وبالتالي سيتحول السبكي وفريقه إلى شهداء لحرية التعبير, وقد نجد انفسنا ساعتها مضطرين للدفاع عنهم على اعتبار ان من حقهم أن يرقصوا ويغنوا ويغرقونا في حشيشهم اللحظي ثم نرد عليهم في مقالاتنا بشكل محياد ولو منعوا من ذلك سوف نصبح نحن في موقف عبثي ساخر.
يقول المخرج الفرنسي"روبير بريسون"(أن الجمهور ضعيف وحين تصنع فيلما افرض عليه انت ارادتك وشهواتك)ورغم أنه لا صناع حصل خير ولا جمهوره يعرفون بالطبع من هو"بريسون" لكنهم في الحقيقة أكثر اقتربا من تحقيق تلك النظرية من صناع افلام وجمهور اخرين يعلمون من هو بريسون.
يلتزم السبكي في كل تجربة بتحقيق تلك النظرية التي بلورها من قبل بعد أن منحه الجمهور"الضعيف"اعلى ايرادات في"شارع الهرم"وذلك حين قال ان الناس تحتاج إلى الغنوة والرقصة والآفيه وهو تصور حقيقي لا نعارضه وإن كنا لا نقبل بأن يكون هذا في اي سياق هزلي  وردئ حتى لو قبله الجمهور.
الغنوة بالنسبة للسبكي هي الاداء الشعبي والذي يحمل لواءه منذ فترة عبر عدة تجارب"سعد الصغير"رغم أن الاغنيات التي يقدمها اقرب للكليب الأعلاني عن اغاني الافراح والزفة التي يعتبر أحد نجومها, ولسنا ندري ايهم يسبق الأخر فهل يغني سعد الأغنية في فرح ثم يعيد تقديمها في الفيلم ام يغنيها في الفيلم مثلما فعل مع"النهارده فرحي يا جدعان"في فيلم"لخمة راس"لتكون اشبه بأعلان سينمائي يروج من خلاله الأغنية في الأفراح.
وإلى جانب سعد لدينا محمود الليثي الذي يبدو أن مسألة ظهوره في افلام السبكي كي يتم صفعة  بمناسبة وبدون مناسبة قد اعجبته, رغم أن افيه الصفع أصبح ممجوجا حتى من عادل امام اشهر من صفع بالأقلام في تاريخ السينما المصرية.
في النهاية نحن امام وصلات غنائية شعبية لا علاقة لها بالدراما ولا بالسرد ولكن لمجرد ان ابطال الفيلم الثلاث يعملون في بيزنيس زفة العروس وان بطلة الفيلم راقصة فيجب ان تكسو تلك الوصلات زمن الاحداث بما يناسب نظرية السبكي الشهيرة.
اما الرقصة فيبدو انه بعد استهلاك دينا وهي راقصة افلام السبكي المفضلة اصبح عليه البحث عن جسد شاب جديد يستطيع ملئ المساحة المطلوبة للحم الابيض وهنا تبرز قمر شبيهة هيفاء وهبي والتي هي نموذج غريب من الأصل الهيفائي.
فقمر تعتبر في علم النفس مثال للمعجبين المهووسيين بالفنانين حتى انهم يقومون باجراء عمليات تجميل ليصبحوا مثلهم وتضيع شخصياتهم تماما في طريقة كلام وحركة الفنان الأصلي وبما ان قمر بمقايس فن التمثيل لا تمت للمهنة بصلة حيث أنها لا تملك حضورا شكليا بسبب قربها في الشبه من هيفا وهو امر مزعج على عكس ما يتصور صناع الفيلم كما أنها لا تجيد القاء الحوار بأي لهجة نتيجة رغبتها في تقليد نبرة صوت هيفاء المغناجة, ولا تملك قدرة ملامحية على التشخيص لانها تمثل دور هيفاء طوال الوقت, ولا تملك صوت للغناء, إذن فلا مبرر من وجودها سوى ملابسها الساخنة الشبيهة بملابس هيفاء ورقصها المماثل لها.
والغريب ان حالة قمر"المرضية" تنسحب على بقية الممثلين فمحمد رمضان يتقمص شخصية احمد زكي على مستوى التقليد إلا ان زكي لم يكن يخرج لسانه مثل رمضان في آفيه شكلي قبيح مثلما اطل علينا لسان رمضان في الفيلم وهو مع حالة الشبق تجاه قمر الراقصة جارته جعل دلالة خروج اللسان ممجوجة جدا, وكريم محمود عبد العزيز يعيد إنتاج صورة ابيه شكلا واداء, وتقدم لنا آيتين عامر حالة نوستالجيا ايروتيكية عندما تظهر في اول لقطة لها وهي تمسح الارض مذكرة ايانا باللقطات الشهيرة لوفاء عامر في افلام رجل مهم جدا والواد محروس ويا نحب يا نقب.
الغريب ان الفيلم يفشل في استغلال هذه الإحالات الشكلية والادائية بالفعل في تقديم نوع من البارودي او المحاكاة الساخرة لأشهر مشاهد السينما المصرية, والتي كان من الممكن أن تنسحب على الفيلم بشكل مختلف تماما لو ان الكاتب كان على دراية بهذا النوع من الكوميديا, ولكنه آثر الهزل السخيف واستغل مسألة الشبه والتقليد في تقديم مشاهد مثل تخيل محمد رمضان نفسه احمد زكي في الهروب او سعد الصغير نفسه عبد الحليم في معبودة الجماهير او تخيل كريم عبد العزيز نفسه عادل امام في اللعب مع الكبار, وكان من المفترض تبعا للعبة التقليد والمحاكاة ان يتصور نفسه محمود عبد العزيز في اي مشهد شهير كما قدمه لنا الفيلم في اول مشهد له في محاكاة لمشهد عبد العزيز في"الشقة من حق الزوجة", ولكن ان يقوم ممثل يتقمص دور محمود عبد العزيز في تقليد عادل امام فهذا منتهى الفشل في توظيف المحاكاة الشكلية أو النوع الساخر.
ولم ينس السبكي أن يضم لتركيبة الغنوة والرقصة والافيه الطفلة المعجزة جنا التي حذرنا مرارا من تأثيرها السلبي الخطير على الاطفال حيث انها تقوم كعادتها بدور امراة في صورة طفلة وهي صورة نمطية اثبت الطب النفسي انها ذات تأثير ضار على الاطفال لانهم يميلون لمحاكاة افعال وسلوك من هم في نفس اعمارهم على الشاشة والجمهور الضعيف لا يكتفي بتعاطي هذا الحشيش السينمائي ولكنه يمرره إلى اطفاله ايضا دون دراية بخطورة التأثير النفسي لنموذج الطفلة جنا على سلوك ونفسية اطفالهم.
لا يوجد سيناريو يمكن الحديث عنه فالحدوتة باختصار ان ثلاثة نماذج رجالية(اهطل ومريض نفسي ومتخلف عقلي) وهو وصف الفيلم لهم, متزوجين من ثلاثة نماذج نسائية شاذة يسكنون عمارة واحدة بشقق فاخرة رغم اختلاف مستوياتهم المادية والاجتماعية حيث ينقلب حالهم عندما تصل للعمارة راقصة لعوب يحاولون التقرب لها كل بطريقته وتستغلهم جميعا من اجل مصالحها الشخصية فتكون سببا في طلاقهم من زوجاتهم ثم يعودون إليهم بعد أن يتعرضوا لعملية خصاء..أجل خصاء من المعلم صاحب العمارة انتقاما منهم بأيعاز من الراقصة,والتي تعود لترقص لهم في الفرح الجماعي الاخير بعد أن"حصل خير", رغم انها كانت السبب في خصائهم, وبالمناسبة فإن تعرض الثلاثة لعملية خصاء كفيلة بتصنيف الفيلم للكبار فقط لأن طفلا سأله ابيه معنا في السينما"هما حصل لهم ايه يا بابا؟" وبالطبع بابا لم يستطع ان يرد.
وكان من الممكن أن يكتفي السبكي بتصوير الفيلم دون الحاجه لمخرج لم يفعل شيئا  سوى وضع الكاميرا في بعض المواضع المكررة التي تفرضها ديكورات الشقق المفروشة التي تم تأجيرها من اجل الفيلم على ما يبدو وذهب بالعدسة حيث سيقان ومؤخرة وبطن شبيهة هيفاء وهبي اثناء الكليبات الراقصة ودمتم.
  



هناك تعليق واحد:

  1. لينك المقال كما نشر في المصري اليوم
    http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=341725&IssueID=2525

    ردحذف