الأحد، 14 أبريل 2013

الحفلة - المقال الكامل بدون تدخلات




 سينما المؤلف...التاجر

تأليف :وائل عبد الله
إخراج : أحمد علاء
بطولة : أحمد عز- محمد رجب
إنتاج : اوسكار للإنتاج
مدة الفيلم 100 ق

يكتب وائل عبد الله افلامه التي ينتجها بعقلية التاجر وليس بذهنية المؤلف والفرق بينهم أن المؤلف ينطلق من فكرة محددة او قضية او هم يشغله, أما التاجر فكل ما يبحث عنه هو حشد أكبر قدر من بضاعة الأثارة والغموض والتشويش من افلام أخرى كي يسيطر على ملل المتلقي ويستحوذ على انجذابه, دون قدرة على الخوض فيما هو اعمق وأشمل وانضج, بمعنى أنه يكتفي بالتركيبة المجمعة كهدف درامي وليس كوسيلة لأبراز مغزى أو اثارة قضية

أو حتى تحقيق الأشباع النفسي والعقلي للمشاهد خلال الاحداث.
زوج شاب يبحث عن زوجته المختطفه مما يستدعي وجود محقق بوليسي ماركة كرومبو كي يستجوب الشخصيات المشكوك في تورطها بالاختطاف, وهي الشخصيات المحيطة بالزوجين  في سكنهم الفخم, وفي نفس الوقت الذي يتصادف فيه وجودهم في المول الذي اختطفت منه الزوجة.
يدور المحقق على الشخصيات ليسمع رواية كل منهم عن"الحفلة"التي حاول المؤلف أن يجعلها الليلة الأهم في محاولة اكتشاف من خطف الزوجة, رغم أنها في الحقيقة ليست كذلك, ومن خلال تضارب رواياتهم, بشكل يتنافى حتى مع فكرة تعدد اوجه الحقيقة او رؤية الموقف الواحد من زوايا مختلفة, نكتشف أن المسألة لا علاقة لها بالحفلة على الأطلاق وأن الحفلة مجرد تمويه بوليسي من قبل المؤلف, وشكل درامي مستهلك لأضفاء الغموض والتلاعب بالمعلومات لتحقيق اثارة مفتعلة دون مغزى, بل أن الفلاش باك يركز على الحفلة فقط رغم ان التحقيق من المفترض أن يغطي اياما وأحداثا أخرى!
لا يهم أن أغلب الاحداث تتمحور حول ليلة الحفلة فالفيلم ليس"حفلة منتصف الليل" لمحمود كامل, ولا يهم أننا نكتشف أن الزوج هو الذي قتل زوجته في النهاية  مثل اياد نصار في"مصور قتيل"وأن كان الأمر هنا يبدو أن له علاقة بالشرف والخيانة وليس بالمرض النفسي كما الفيلم الأخر.
المشكلة تكمن أولا في غياب المضمون الجيد نتيجة سيطرة عقلية التاجر, فالاحداث من المفترض أن تكون وسيلة لعرض الفكرة وليست هدفا في حد ذاته, اي كأن الهدف هو الشك في الجميع واكتشاف أن الزوج هو القاتل بعد أن حاول المؤلف بقدر الأمكان أن ينفي التهمة عنه, حتى أنه من كثرة النفي جعلنا نشك فيه, خاصة مع مشاهد الذكريات التي تنتابه حول علاقته بزوجته وحول رؤيته لها في الحلم وهي تجري هربا من احدهم.
ثانيا فرض المؤلف على نفسه اسلوب الفلاش باك اثناء الاستجواب من خلال ذاكرة ورواية الشخصيات مما جعل هناك احداث لم ترها أو تسمعها الشخصيات التي تحكي ولكنها تقصها خاصة شخصية جومانا مراد المرآة اللعوب التي حكت عن تفاصيل تخص علاقة زوج أم سارة المختطفة بسكرتيريته رغم أنها لم تكن قريبة منهم.
ورغم أن شكل التحقيق البوليسي هو الاطار العام للفيلم إلا أن المؤلف يتجاهله تماما في النهاية ويقوم بكشف ملابسات الجريمة من خلال ذاكرة البطل وتصورات مفتش المباحث, وهو استسهال عقيم افسد فكرة البحث البوليسي وذكاء المحقق وجمع التفاصيل, وعيب سردي سببه ايضا عقلية التاجر الذي تعجبه مثل هذه البضاعة السينمائية فينقلها كما هي دون أن يتساءل عما إذا كانت مناسبة للقالب والأسلوب الذي اتخذه.
 وثمة أزمة المبالغة في الدوافع والأسباب بدون حس بوليسي ناضج بل أن المؤلف يلقن الجمهور أن كل الشخصيات لديها دافع للخطف من خلال مشاكلهم المالية على لسان مساعد المحقق, بالاضافة إلى أستخدام افتر اساليب الأثارة البوليسية وهي الصدفة, فبالصدفة يشاهد المحقق جيران الزوج وهم يتشاجروا وبالصدفة تكون اغلب الشخصيات موجودة وقت الأختطاف المزعوم وكأنهم يشرفون بأنفسهم على العملية.
كما اراد المؤلف أن يثبت لنا ان الزوجة خائنة بالفعل ولم يجعلنا نشك لحظة في برائتها وبالتالي يعمق احساسنا بمآساوية الموقف, وذلك عندما كشف لنا من وجهة نظر الكاميرا ملامح الزوجة الخبيثة الماكرة وهي تحتضن زوجها وتبلغه نبأ الحمل.
بل أن الشك في برائتها حتى مع عجز الزوج الذي نعرفه كان اكثر اتساقا مع اسلوب الفيلم في مسألة رواية الشخصيات للوقائع, رغم أن هذا الأسلوب نفسه خرج عليه المؤلف لاعجابه بفكرة الكشف المفاجئ عبر ذاكرة الزوج لمجرد أنه أحمد عز.
والمؤلف التاجر يضع المخرج في مأزق خاصة عندما يملك المخرج امكانيات تقنية لا يجد ما يوظفها للتعبير عنه سوى الغموض والاثارة المفتعلة والحبكة البوليسية المهجنة من حبكات أمريكية, لقد حاول المخرج مثلا التعبير عن الغموض من خلال استخدام اسلوب"الفلو"اي الصورة الغائمة في خلفية الشخصيات في مشاهد الحفلة, وذلك لبث الشعور بضبابية الرؤية وعدم وضوح الحقيقة, ولكن بدون مضمون نهائي أو فكرة نتجه إليها تصبح هذه المشاهد شكلانية بحتة, اي مجرد اطار جميل لصورة فارغة.
كما أن المخرج لا يزال يحتاج إلى تدريب للتعامل مع الممثلين خاصة أحمد عز الذي يبدو في اسواء حالاته بعد حلم عزيز, ناهيك عن كم الصراخ والأنفعال الزائد لكننا نجده يظل مستمرا في النظر إلى الشخصية التي أمامه واعطاء نفس رد الفعل حتى بعد انتهاء جملة الحوار ووصول اللقطة إلى ذروتها وهو عيب اخراجي بحت.
بينما تبدو روبي في احسن حالاتها ربما لقلة عدد مشاهدها التي لا تكشف مدى ركاكة ادائها المعتادة, وجومانا مراد في شخصية المرآة اللعوب مجرد امرآة لعوب اخرى من نساء السينما المصرية اللعوبات وهم كثر, ويتماس اداء محمد رجب هنا مع اداءه في فيلم وائل عبد الله ايضا"كلاشنكوف"حيث الخلط المتعمد بين الجدية الساخرة والسخرية الجادة, وبالمناسبة فإذن شخصية المحقق هي البطل الرئيسي في الفيلم وليس الزوج, فالمحقق هو الشخصية التي تبحث وتصطدم وتشك وتخطط للكشف عن الجريمة والأيهام بأن الزوجة هاربة أو متواطئة, ولولا الأصرار على أن تكون شخصية الزوج هي البطل لأنه أحمد عز لكان السيناريو قد اتخذ اسلوب مختلف في الكشف عن القضية من خلال ذكاء المحقق وبحثه.    

 

هناك تعليق واحد:

  1. لينك المقال في المصري اليوم بعد لمسات الديسك السحرية :
    http://www.almasryalyoum.com/node/1487151

    ردحذف