السبت، 13 أبريل 2013

مستر اند مسز عويس- من الأرشيف



لماذا تُصنع هذه الأفلام ؟؟
تأليف: كريم فهمي
إخراج : اكرم فريد
بطولة : حمادة هلال- بشرى
إنتاج: نيو سنشري
مدة الفيلم : 100ق

من المعروف أنه لا يوجد فن هادف وفن غير هادف ولكن يوجد فن جيد وفن ردئ والفن الجيد يصنع من أجل تلبية احتياج مجتمعي وحضاري في وقت فترة زمنية ما, اما الفن الردئ فهو اشبه بتجارة الممنوعات, مكسبها كبير ومضمون لكنها تدمر المجتمع وتسحق وعيه, وإذا كانت السينما تخاطب الوجدان فالأفلام الرديئة تعبث به وتسطحه وتجعله غير صالح للشعور او الفهم وتهبط بذائقته للحد الأدنى.
والحكم على الفيلم بالردائة لا ينبع من كون فكرته مكررة أو مقتبسة او معالجة بطريقة خائبة بل هي امور مجتمعة ربما تلوح من بينها عناصر جيدة ولكن العملة السيئة تطرد العملة الجيدة ولهذا فإن  "عويس"هو فيلم ملئ بالعملات السينمائية السيئة التي تطرد اي مساهمة جيدة من قبل العناصر الأخرى.
الفكرة هي خيط من تيمة ترويض الشرسة المعروفة مع بعض التغيرات الغير منطقية, فعويس المغني الشهير يقرر الزواج من فتاة صعيدية خام لمجرد أنه رأي كيف يعامل صديقه إدوارد زوجته كخادمه, وهو تبرير ملفق وساذج وعنصري ايضا ولا علاقة بينه وبين كونه دخل في مغامرات نسائية كثيرة فأصبح يشك في النساء مثل محمد فوزي في"فاطمة وماريكا وراشيل"او فؤاد المهندس في"هارب من الزواج", فلا علاقة بين الرغبة في الحصول على زوجة مخلصة وبين كونها مطيعة وخادمة للرجل, وكان الأوقع ان تكون زوجة ريفية لا صعيدية, لأن اهل الصعيد اكثر صلابة وعنف من اهل الريف, ولكن السيناريو يريد ان يلعب على فكرة الخط الصعيدي الشهيرة رغم أن لديه واقع حالي يتحدث عن بلطجة مستمرة في الوجه البحري والقبلي ولا حاجة للعودة لفكرة الخط, انه اختيار من يقتبس من السينما القديمة ولا يحاول الألتفات حوله ليستلهم من المجتمع.
الخط هو الفتاة التي يتزوجها المطرب المرفه صاحب نبرة الصوت المخنثة والرقة الزائدة وهي التي تعيش القرية بسببها في رعب, لماذا ؟ لا أحد يدري! وهي نفسها تقول لعويس في النهاية انها بدأت في تخويف القرية لأنها كانت قرية ظالمة ثم انصلح حالها, اي من أجل تبرير الجرائم التي ارتكبتها اصبح للبلطجة معنى اخلاقي! وبالطبع لم يفلح السيناريو في اشعارنا انها روبين هود على سبيل المثال(اللص الشريف)ولكن صناع هذه الأفلام عادة ما يتجاوزون عن التفاصيل المنطقية بحجة انه فيلم هزلي خفيف لن يضر أحدا ولن يفيد ايضا.
ونفاجأ بقرار الخط بخطف السفير الأسرائيلي وهو ايضا امر غير منطقي على الاطلاق ولا يبرره المشهد السخيف بين بشرى في دور الخط وتتيانا في دور الصديقة الشامية التي قتل اخاها على يد الأسرائيلين , بل ان تكوين شخصية الفتاة التي تحب ان يعاملها الجميع كرجل كان اقرب لخطف شخص له علاقة بقضية المرأة المقهورة او ما شابه ولكنها متاجرة فاشلة بموضوع العدو الأسرائيلي ولا هدف من ورائها سوى تحرك قوات الامن للقبض على الخط رغم أنها كان من الممكن ان تتحرك لمجرد تهديده للقرية.
الغريب ان لا احد يعلم أن الخط امرأة ورغم ذلك نجدها تهرب وتخبئ مع زوجها ومساعدتها الصغيرة "جنا" التي هي جزء من تركيبة افلام العيد مثل كل الاطفال في السينما المصرية مؤخرا فيجب أن يحتوي الفيلم على طفل كي يضمن جلب من هم في شريحته العمرية للسينما وتقليده عقب المغادرة وهو اخطر ما في استخدام الاطفال داخل الافلام, فهناك جهل شديد بطبيعة تأثر الطفل المشاهد بالطفل الممثل خاصة عندما تقول الصغيرة جنا لعويس وهو يهم بالنوم جنبها(مش خايف لتضعف)وهي جملة غير مفهومة للاطفال في سنها وشرحها معقد ولا تقولها إلا فتاة تعيش في بيئة منحرفة وشاذة, فهل هذا النموذج يصلح كعنصر يجذب الاطفال للفيلم!!
نعود للنمرة التي تروض من خلال الاصابة واعتناء زوجها الدلوع بها وعمله في الفاعل وهو فعل غير درامي ايضا, لانه مطرب شهير وغني وغير محكوم عليه بالأختباء وبالتالي من السهل ان يصطحب زوجته التي لا يعلم أحد انها الخط إلى أي مكان! او يقوم بالصرف عليها من ماله بدلا من الكليب الخائب له وهو يعمل كراعي غنم, والغريب أن الأغنية المصاحبة تمجد من قيمة العمل وتجعل المطرب يعيد اكتشاف ذاته وهو ما يحط من شأن الفن, لاننا نعلم انه مطرب ناجح وجيد وله ثلاث اغنيات-في الفيلم-فلماذا هذه المقارنة الدونية بين العمل البدني والعمل الفني؟ ربما لو كان المطرب فاشلا ويقدم اغنيات حقيرة لقلنا حسنا يمكن أن نتجاوز عن هذا اما طرح الغناء كتخنث ورعي الغنم كرجولة فهو امر غير مقبول.
اميز ما في السيناريو هي الشخصيات الثانوية فالشخصيات الرئيسية نمطية وغير واضحة الابعاد او مبررة الأفعال أما الثانوية فهي الاحق بالمتابعة وعلى رأسها الضابط المجنون"فريد النقراشي" المهووس بالقتل والذي يضطر رئيسه في الداخلية"احمد راتب"إلى تهدئته كل فترة بقرص مهدئ كي يتزن ثم ييأس منه فيودعه مستشفى الامراض العقلية, كذلك عم عويس"محمد متولي"صاحب النصف شنب والذي لا يفتأ يوبخ ويشتم خال العروس الصعيدية لا لشئ سوى لتنفيس طبقيته المهدورة, والمأذون"محمد شرف"الذي يصر ان"عويس"اسمه(مرقص)ويعاني من شبق ذكوري تجاه اي امراة حتى لو كانت"عويس"متخفيا, ولو ان الشخصيات الرئيسية جاءت على مستوى رسم الشخصيات الثانوية لأختلف الأمر ولو قليلا ولكنها العملات السيئة.
اكرم فريد مخرج كوميدي متمكن ازمته هو اختياره لسيناريوهات فاسدة دراميا وقد اثبت أمكانياته في فيلم وحيد"عائلة ميكي"ولو قارناه بعلي ادريس مخرج"بابا"وهو من إنتاج نفس الشركة لوجدنا ان اكرم يعرف كيف يبرز الأفيه سواء بتحضير الكادر المناسب قبله او اختيار زاوية الكاميرا الانسب لشرحه, صحيح أن الأفهيات متخلفة وكلها استظراف لكننا نتحدث عن التكنيك فسواء كان الأفيه بصري او لفظي تجد اكرم يهتم بابرازه من انسب زاوية وبتتابع مونتاجي جيد اما محتوى الأفيه فهو صفر بالطبع وهو ما يعني أنه كمخرج يهدر طاقته بشكل مسئ.
كان من الممكن ان يقدم دور الفتاة الصعيدية أي ممثلة أخرى وهذا معناه أن بشرى لم تقدم أي شئ خاص للشخصية, ومن المعروف أنها تمثل فقط في افلام شركة نيوسنشري التي كانت تشرف على الانتاج فيها وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة حول امكانياتها! خصوصا أن فيلمها الاخير جدو حبيبي فشل فشلا ذريعا ولولا دورها في"ستة سبعة تمانية"لما بقى لها رصيد لدى الجمهور.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق